[size=21]وأمتي يأجوج ومأجوج موجودتان الآن وهما محبوستان خلف السَّد الحصين المنيع السميك الذي بناه عليهم ذو القرنين بسبب إفسادهم وشرورهم وهذا ما دلت عليه الآية في قوله تعالى: "حَتَّىَ إِذَاَ بَلَغَ بَيْنَ اَلْسَدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهمَا قَوّمَاً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَولاَ، قَالُوا يَذَا الْقَرْنَيِنِ إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفِسدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجَاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَاَ وَبَيْنَهُم سَدَاً، قَاَلَ مَا مَكَّني فِيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلُ بَيُنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمَاً" (الكهف/95:93)، وهذا السد موجود على الحدود التركية الروسية قريباً من جبال القوقاز كما دل على ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما وهو مذكور عند أكثر المفسرين حيث قال: (وهو في منقطع بلاد الترك مما يلي أرمينيا وأذربيجان) ولا يستطيع أحد الوصول إليهم وإخراجهم، وإنما يكون خروجهم عندما يأذن الله لهم بالخروج، وهذا بعد أن يقتل عيسى عليه السلام الدجال فَيُلْهِمَ الله أميرهم بأن يقول ارجعوا سنفتحه غداً إن شاء الله، حيث أنهم مُنْذُ حُبِسُوا في هذا المكان وهم يحاولون الخروج، ويحاولون كل يوم ثقب هذا السور لكي يخرجوا، حتى إذا كادوا أن يروا شعاع الشمس يقول الذي عليهم ارجعوا سنفتحه غداً فيرجعون ويأتون باليوم الثاني وإذا بالسد عاد كما كان حتى يقولوا إن شاء الله فَيُسَهِّلْ الله لهم الخروج، ومما يدل على محاولاتهم ثقب السد قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيحين عندما استيقظ من النوم فزعاً "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال نعم إذا كثر الخبث" والخبث يعني الفسق والمعاصي والنفاق.
وفتنة يأجوج ومأجوج عامة وشرهم مستطير لا يملك أحد دفعهم، حتى أنهم إذا خرجوا أوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام (أني أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم فحرِّزْ عبادي إلى الطَّوْرْ) فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه فسادهم وشرهم فيرغب إلى الله عز وجل فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله. وأما العصمة من يأجوج ومأجوج سيتولى عيسى بن مريم عليه السلام توجيه المسلمين فيها حيث يوحي الله إليه حَرِّزْ عبادي إلى الطَّوْرْ، وهو طَوْرِ سيناء بأرض مصر، ومما يدل على ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً فيعودون إليه كأشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله عز وجل أن يبعثهم إلى الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله وَيُستثنى فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فَيُنَشِّفُونَ المياه وَيَتَحَصَّنَ الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفاً (دود يكون في أنوف الإبل والغنم) في أقفائهم فيقتلهم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمدٍ بيده إن دواب الأرض لتسمن شكراً من لحومهم ودمائهم".
طلوع الشمس من المغرب:-
وتلي هذه العلامة طلوع الشمس من مغربها، والشمس منذ خلق الله السموات والأرض- وهي تطلع كل يوم من المشرق وتغرب في المغرب، حتى إذا جاء الموعد الموعود استأذنت ربها أن تطلع كعادتها فلا يأذن لها ثم تستأذن فلا يأذن لها ثم تستأذن فلا يأذن لها فتبقى ثلاثة أيام لا تطلع الشمس، وبعد ذلك يأذن لها الله بالطلوع من المغرب، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون أين تذهب هذه الشمس، إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يُقال لها ارتفعي، ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي اصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها، أتدرون متى ذاكم؟ حين "لا يَنْفَعُ نَفْسَاً إِيْمَاَنُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبتْ فِي إِيمَاَنُهَا خَيْراَ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت من مغربها ورآها الناس آمنوا جميعاً فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" (متفق عليه)، فعند ذلك يُغلق باب التوبة حيث لا ينفع الناس إيمانهم ما لم يكونوا آمنوا من قبل.